" أنا سعيد بالتجربة الإيجابية,لأنه أول مرة منذ سنوات طويلة جدا نري في مصر هذا الحراك الإعلامي و التفاعل بين الإعلام و قضايا الناس و الضغط علي السلطة التنفيذية حتي ولو وصلت لمرحلة الوزراء"
معتز الدمرداش_مقدم برنامج 90 دقيقة_معلقا علي رأيه في انتشار البرامج الحوارية و أثرها في تنمية وعي المجتمع،ولكن هل حقا برامج التوك شو تنمي الوعي فقط أم أنها تعتبر قناة لتنفيس غضب الجماهير واستياءهم من الأوضاع في مصر حتي لا يؤدي كتمان هذا الإستياء إلي الإنفجار؟وهل تلتزم الحياد و الموضوعية في تناولها للقضايا وتتمتع بقدر كبير من الحرية أم أن لها سقفا من الحرية لا يمكنها تجاوزه؟و كيف تتناول القضايا المحلية والعالمية؟وهل حقا دعمت ثقافة الاحتجاج في الشارع المصري؟
· إنتشار البرامج الحوارية:
انتشرت في العامين الاخيرين البرامج الحوارية بشكل ملحوظ في القنوات الأرضية والفضائية علي السواء و بدأت بعض هذه البرامج في التميز وفي كسب ثقة الجمهور واحترامهم ومتابعتهم لها يوميا..واعتمد عليها البعض كمصدر أساسي في الإلمام بما يحدث خاصة في الأوضاع الداخلية .حيث تقدم تقارير متنوعه يوميا تشمل أهم الأحداث والقضايا في مصر ومن أبرزها برنامج العاشرة مساء و 90 دقيقة والبيت بيتك وغيرهم.
و قد أثرت هذه البرامج بالطبع ايجابيا في زيادة وعي الجماهير بالقضايا المثارة في مصر و التف حولها العديدين..ولكن لها أيضا بعض السلبيات و إن كانت تعد خطوة جيدة إلي الأمام.
و يقول سمير بيومي_معد ومنتج البرامج الحوارية الخاصة بقناة الجزيرة _أن هذه البرامج تعد خطوة إلي الأمام وإن كانت لاتحلو من بعض النواقص مثل أنها لا تتطرق إلي القضايا التي تهم الوطن العربي ككل وتصب اهتمامها علي القضايا الخاصة بمصر فقط متناسية أنها تبث في قناة فضائية تصل للوطن العربي بأكمله.
كما أنها تستعرض القضايا فقط بوجهات النظر المختلفه المثارة حولها دون طرح حلول جادة وعملية لحل هذه القضايا فهي اذا لا تساهم في عملية التنمية بشكل فعلي ,كما أنها في رأيه تفتقد إلي شيء هام وهو التراكمية بمعني الإهتمام بقضية ما والتركيز عليها بعدة حلقات متتالية مما يؤدي لترسيخ معني محدد في المجتمع وهو الهدف الأساسي من البرامج الحوارية لذا يري أنها خطوة إلي الأمام ولكنها لا تلاحق التطور في البرامج الفضائية علي المستوي العربي وليس المحلي.
في حين يري الدكتور عبدالوهاب المسيري_المفكر و المؤرخ والمنسق العام للحركة الشعبية من أجل التغيير(كفاية)_ أن هذه البرامج تساهم بشكل كبير في تنمية وعي الجمهور ووضع القضايا الهامة في بؤرة اهتمامه و هو ما نحتاجه من وجهة نظره في الفترة الحالية مستشهدا علي هذا بأن هذه البرامج استخدمت الوسيلة الإعلامية الأكثر انتشارا ووصولا للفئات المختلفة وهي التليفزيون فالكتاب مثلا لا يصل إلا لفئات معينة فقط..لذا فهو يري أن البرامج الحوارية وسيلة جيده جدا لنشر الثقافة والمعلومات وتنمية الوعي تجاه القضايا الهامة في المجتمع.
ويري معتز الدمرداش_مقدم برنامج 90 دقيقة_أن هذه البرامج الحوارية وانتشارها هو مؤشر إيجابي علي الحراك الإعلامي في مصر و التفاعل بين الإعلام وقضايا الناس ويري أن تقديم الحلول من وجهة نظره في هذه البرامج يتم من خلال الضغط علي السلطة التنفيذية إعلاميا.
ومن وجهة نظر مني الشاذلي مقدمة برنامج العاشرة مساء أن السبب الرئيسي لاهتمام هذه البرامج بالقضايا المصرية دون التطرق الي قضايا الوطن العربي في كثير من الأحيان يعود إلي المشاكل العديدة التي يواجهها المواطن المصري العادي والتي لا تتيح له فرصة كي يلتفت إلي مشكلات وقضايا الوطن العربي او الدول الاخري و للمواطن المصري مشكلات عديدة لا يمكن حصرها ولكن تري أن اولها مثلا أنه لا يعيش تحت مظلة تأمينية مريحة ومناسبة فلا يطمئن أبدا إلي أنه إذا وافته المنية اليوم سوف يعيش اولاده حياة كريمة لذا يلهث طوال اليوم وراء لقمة العيش وتأمين مستقبل لأسرته.
أما خيري رمضان_صحفي و معد برنامج القاهرة اليوم_ فقال أن البرامج الحوارية أشبه بالصحيفة اليومية الساخنة ونحن كمعدّين أشبه بالحاوي و دورنا تنويري فلابد أن نعرض الحدث من خلال المرآه فنحن ليس دورنا صناعة الحدث فمثلا إذا كان هناك اعتصام ضد الحكومة فلابد أن ينقل كما هو..وقال أن البرامج الحوارية لاتتعمد الإساءة و إنما مناقشة القضايا من زواياها المختلفة المتفقة والمعارضة.
· تدعيم ثقافة الاحتجاج في الشعب المصري:
من أهم مميزات و فوائد البرامج الحوارية من وجهة نظر الدكتور عبدالوهاب المسيري أنها دعمت ثقافة الإحتجاج في الشعب المصري حيث يعتبر أن هذا في حد ذاته مكسب كبير..فقبل ثلاث سنوات كان المصريون يتقبلون الضغوط في صمت ودون شكوي و لكن بعد انتشار هذه البرامج و انتشار الوعي بالقضايا المختلفة وحقوق المواطن المهدرة قام المصريون باختلاف فئاتهم بإضرابات احتجاجا علي أوضاع غير مقبولة أو طلبا لحقوق مهدرة و ثقافة الاحتجاج هذه من وجهة نظره هي البداية لكي يحدد و يختار الشعب المصري مصيره بيده.
. وقد كانت بداية هذه الموجة من الاضرابات في ديسمبر الماضي في قطاع الغزل والنسيج في دلتا مصر واتسعت بعد ذلك لتشمل قطاعات عمال ورش السكك الحديدية وعمال الأسمنت، بالإضافة لقطاع الغزل خاصة في شبين وكفر الدوار في منطقة الدلتا.
ويري حمدي حسين - نقابي مستقل بشركة الدلتا للغزل والنسيج، المحلة الكبرى أنأ
أن ما يحدث على الساحة العمالية في مصر هو انتفاضة عمالية تأخرت كثيرا. انتفاضة تعبر عن زيادة في الوعي العمالي كرد فعل على تزايد الضغوط عليهم بين غلاء أسعار، وأجور متدنية، وتعسف إداري، بيع شركات، وتقاعد مبكر. وكان من الطبيعي أن يحدث الانفجار في أي لحظة. وفي هذه الحالة كان إضراب غزل المحلة في ديسمبر هو الشرارة التي أشعلت الموقف لأن جميع العمال نظروا لهذا الإضراب الناجح كمثل يمكن إتباعه للدفاع عن حقوقهم. وطبعا لعبت القيادات العمالية المستقلة دورها في توعية العمال وقيادتها للوقوف في وجه التعسف وانتهاك معايير العمل الدولية. وهو الأمر الذي ترصده تقارير الاتحادات العمالية الدولية.
أما المهندس محسن الجيلاني - رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج - القاهرة فيقول أنه بالتأكيد هناك قلاقل على الساحة العمالية في مصر، وأسباب ذلك عديدة.
فهناك نقص في استثمارات الدولة في مصانع القطاع العام على مدى سنوات أدى لتدهورها، ودخل العمال في قطاع الغزل النسيج متدني لأنه يعد أفقر قطاع صناعي في مصر لكن الأساس، خاصة في حالة إضراب غزل شبين، هو التخوف من الخصخصة وهو في رأيي تخوف لا محل له. علينا أن نعيش الواقع. فنحن اخترنا الاقتصاد الحر والاندماج في الاقتصاد العالمي وإذا لم يستتبع هذا تدفق للاستثمارات الأجنبية تشغل العاطلين، فكل ما نفعله لا فائدة له. ولذلك يجب أن يعطي العمال المثل صحيح أن العامل قد يحس بالاطمئنان في حضن الدولة لكن الدولة ليست مدير. الثقافة السائدة في المجتمع المصري ضد الخصخصة، وهذا شيء سيء لكن النشاط الاقتصادي يجب أن يترك للقطاع الخاص لأنه أكفأ وأقدر على التشغيل وعلى الإنتاج.
أخيرا، في رأيي أنه لا يمكن فصل ما يحدث على الساحة العمالية مؤخرا عن عوامل أخرى سياسية وأمنية، فالعناصر التي فشلت في الانتخابات النقابية الأخيرة أو التي لم تنجح في الترشح لها تلعب دورا في تأجيج الموقف, لكننا يجب في النهاية أن نحافظ على بلدنا وعلى الإنتاج. ويكفي أن أقول إن إضراب غزل شبين وحده يكلف الدولة خسائر بمائة وخمسين ألف جنيه يوميا.
و من الواضح أن هؤلاء العمال يتحدثون عن فهم و دراية ووعي بالوضع وليسوا فقط يقومون بالإضراب عن غير فهم وأعتقد أن هذا يعود بنسبة كبيرة إلي البرامج الحوارية التي دعمت ثقافة الإحتجاج من خلال نشر الوعي.
· القضايا الأمريكية في البرامج الحوارية المصرية:
يقول معتز الدمرداش أنه لايشعر بأي أهمية لمناقشة القضايا الأمريكية في البرامج الحوارية المصرية فهو يري أن مصر بتعدادها الذي يبلغ السبعين مليون و أكثر لديهم بالطبع أكثر من مليون ملف يحتاج إلي مناقشته ويحتل الأولوية في هذه البرامج بالنسبة لمشاهديها فبالرغم من أن هذه البرامج تعرض علي قنوات فضائية إلا أنها تخاطب المشاهد المصري في الأساس و الذي يحتاج لبديل عن الإعلام الحكومي أو الرسمي الذي يعيقه سقف الحرية المحدود..لذا يري معتز الدمرداش أن أجندة برنامجه 90 دقيقة لاتحتوي علي القضايا الأمريكية علي الإطلاق.
في حين يختلف محمود سعد_مقدم في برنامج البيت بيتك_ معه في الرأي حيث يعتقد أن أمريكا توجد بالفعل في ذهن المواطن المصري فيقول :المصريون يعتقدون و هذا عن متابعة حقيقية مع الناس أن ارتفاع سعر البترول سببه أمريكا و ارتفاع سعر رغيف الخبز لأننا نجلب القمح من امريكا ..وأنا أري أن أمريكا هي سر خراب الوطن العربي بأكمله فهي أن تريد الإستحواذ علي كل إمكانيات وخيرات المنطقة العربية.
ويختلف معه معتز الدمرداش في هذه النقطة أيضا موضحا أن دور مقدم البرامج الحوارية ليس الهجوم علي النظم السياسية المختلفة وانما عرض الحقائق والقضايا بزواياها المختلفة المؤيدة والمعارضة.
بينما تقول مني الشاذلي أنه منذ حوالي خمسة وعشرون عاما لم يكن المصريون يهتمون مثلا بالإنتخابات الأمريكية و من الفائز بوش الابن ام آل غور كلينتون أم بوش ولكن حاليا يهتم المصريون جدا بالانتخابات الامريكية و المنافسة بين أوباما و هيلاري كلينتون و ذلك لوجود رابط عربي مهم وهو العراق حيث يفكر الناس في مصير العراق و المنطقة العربية الآن من خلال الإنتخابات الأمريكية..لذا فأنا أري أن القضايا الأمريكية أصبحت موجودة بالفعل في دائرة اهتمام الشعب المصري بسبب أثرها في الشرق الأوسط والمنطقة العربية تحديدا.
· البرامج الحوارية بين التغطية الإعلامية وإعلام الإثارة:
هل تتناول البرامج الحوارية القضايا الساخنة بموضوعية وحياد أم أنها توجه هذه القضايا خاصة عندما تكون وحساسه إلي الإثارة و فقط؟
فمثلا قضية تصريح وزير الثقافة فاروق حسني أن الحجاب يعيق تقدم المرأة و الذي استضافه برنامج 90 دقيقة وقتها و تناول البرنامج هذه القضية لمدة ثلاثة أيام متتالية يعتبر تغطية إعلامية صحيحة أم استغلال قضية ساخنة للإثارة .
في هذا الصدد يقول معتز الدمرداش مقدم البرنامج ان الأمر تتطلب هذه المتابعه بسبب مداخلة النجم حسين فهمي وتأييده لرأي الوزير بأن المراة المحجبة متخلفة عقليا و ذهنيا مما أثار الحساسيات في المجتمع المصري وأدي هذا إلي ضرورة توضيح الأمر للمشاهدين علي ثلاثة حلقات متتالية للتهدئة وليس للإثارة.
وتضرب مني الشاذلي مثالا بحلقة الفروق بين السنة والشيعة في برنامجها العاشرة مساء فتقول أنه توجد عدة طرق لمناقشة هذا الموضوع و لكن يجب التفرقة بين إعلام الحرائق والإعلام الموضوعي فمثلا كان من الممكن مناقشة الخلافات بين السنة والشيعة بطريقة تجعل المشاهدين السنة يكرهون الشيعه والشيعه يكرهون السنه وهذا المقصود بإعلام الحرائق الذي يستفز الضيوف للحصول علي أكبر قدر من الإثارة وهذا مرفوض و لذا تعاملت الحلقة مع الموضوع بنوع من الحرص الزائد و التخوف و الرقابة الموضوعية جدا حتي لايثير هذا الأمر ما قد يثيره .
· وثيقة تنظيم البث الفضائي:
هل يمكن أن تؤثر وثيقة تنظيم البث الفضائي علي حجم الحريات في البرامج الحوارية؟
لقد عارضت أربع وثلاثون منظمة حقوقية عربية ودولية هذه الوثيقة حيث قالت المنظمات الحقوقية المدافعه عن حرية التعبير في بيان رفضها الوثيقة"أن بنود الوثيقة تهدف بالأساس إلي إحكام السيطرة علي البرامج الحوارية والوثائقية التي تسلط الضوء علي الممارسات القمعية و قضايا الفساد المستشري في العالم العربي لحكومات جاء أغلبها عن طرق بعيدة عن الديمقراطية ولا تعبر عن إرادة شعوبها".
و قد ألزمت الوثيقة هيئات البث الإذاعي و التليفزيوني بإخضاع محتويات البرامج للجنة مختصة بالرقابة بدعوي فرض جداول زمنية للبرامج و حماية الأطفال وهو مايسمح بالطبع بتدخل الرقابة في محتوي ما يتم بثه من برامج لا ترضي عنها هذه الحكومات .
لذلك أعلنت هذه المؤسسات والمنظمات الحكومية التي أصدرت بيان رفضها للوثيقة أنها لن تتأخر في دعم حركة الرفض الواسعة ضد هذه الوثيقة والتأكيد علي حق المؤسسات الإعلامية في ممارسة عملها بدون قيود أو رقابة و الإنحياز لحق المواطنين في برامج جادة تكشف العيوب و تفضح الإنتهاكات اليومية التي يعاني منها المواطنين العرب.
تحقيق : يمني طاهر عبدالمنعم.
معتز الدمرداش_مقدم برنامج 90 دقيقة_معلقا علي رأيه في انتشار البرامج الحوارية و أثرها في تنمية وعي المجتمع،ولكن هل حقا برامج التوك شو تنمي الوعي فقط أم أنها تعتبر قناة لتنفيس غضب الجماهير واستياءهم من الأوضاع في مصر حتي لا يؤدي كتمان هذا الإستياء إلي الإنفجار؟وهل تلتزم الحياد و الموضوعية في تناولها للقضايا وتتمتع بقدر كبير من الحرية أم أن لها سقفا من الحرية لا يمكنها تجاوزه؟و كيف تتناول القضايا المحلية والعالمية؟وهل حقا دعمت ثقافة الاحتجاج في الشارع المصري؟
· إنتشار البرامج الحوارية:
انتشرت في العامين الاخيرين البرامج الحوارية بشكل ملحوظ في القنوات الأرضية والفضائية علي السواء و بدأت بعض هذه البرامج في التميز وفي كسب ثقة الجمهور واحترامهم ومتابعتهم لها يوميا..واعتمد عليها البعض كمصدر أساسي في الإلمام بما يحدث خاصة في الأوضاع الداخلية .حيث تقدم تقارير متنوعه يوميا تشمل أهم الأحداث والقضايا في مصر ومن أبرزها برنامج العاشرة مساء و 90 دقيقة والبيت بيتك وغيرهم.
و قد أثرت هذه البرامج بالطبع ايجابيا في زيادة وعي الجماهير بالقضايا المثارة في مصر و التف حولها العديدين..ولكن لها أيضا بعض السلبيات و إن كانت تعد خطوة جيدة إلي الأمام.
و يقول سمير بيومي_معد ومنتج البرامج الحوارية الخاصة بقناة الجزيرة _أن هذه البرامج تعد خطوة إلي الأمام وإن كانت لاتحلو من بعض النواقص مثل أنها لا تتطرق إلي القضايا التي تهم الوطن العربي ككل وتصب اهتمامها علي القضايا الخاصة بمصر فقط متناسية أنها تبث في قناة فضائية تصل للوطن العربي بأكمله.
كما أنها تستعرض القضايا فقط بوجهات النظر المختلفه المثارة حولها دون طرح حلول جادة وعملية لحل هذه القضايا فهي اذا لا تساهم في عملية التنمية بشكل فعلي ,كما أنها في رأيه تفتقد إلي شيء هام وهو التراكمية بمعني الإهتمام بقضية ما والتركيز عليها بعدة حلقات متتالية مما يؤدي لترسيخ معني محدد في المجتمع وهو الهدف الأساسي من البرامج الحوارية لذا يري أنها خطوة إلي الأمام ولكنها لا تلاحق التطور في البرامج الفضائية علي المستوي العربي وليس المحلي.
في حين يري الدكتور عبدالوهاب المسيري_المفكر و المؤرخ والمنسق العام للحركة الشعبية من أجل التغيير(كفاية)_ أن هذه البرامج تساهم بشكل كبير في تنمية وعي الجمهور ووضع القضايا الهامة في بؤرة اهتمامه و هو ما نحتاجه من وجهة نظره في الفترة الحالية مستشهدا علي هذا بأن هذه البرامج استخدمت الوسيلة الإعلامية الأكثر انتشارا ووصولا للفئات المختلفة وهي التليفزيون فالكتاب مثلا لا يصل إلا لفئات معينة فقط..لذا فهو يري أن البرامج الحوارية وسيلة جيده جدا لنشر الثقافة والمعلومات وتنمية الوعي تجاه القضايا الهامة في المجتمع.
ويري معتز الدمرداش_مقدم برنامج 90 دقيقة_أن هذه البرامج الحوارية وانتشارها هو مؤشر إيجابي علي الحراك الإعلامي في مصر و التفاعل بين الإعلام وقضايا الناس ويري أن تقديم الحلول من وجهة نظره في هذه البرامج يتم من خلال الضغط علي السلطة التنفيذية إعلاميا.
ومن وجهة نظر مني الشاذلي مقدمة برنامج العاشرة مساء أن السبب الرئيسي لاهتمام هذه البرامج بالقضايا المصرية دون التطرق الي قضايا الوطن العربي في كثير من الأحيان يعود إلي المشاكل العديدة التي يواجهها المواطن المصري العادي والتي لا تتيح له فرصة كي يلتفت إلي مشكلات وقضايا الوطن العربي او الدول الاخري و للمواطن المصري مشكلات عديدة لا يمكن حصرها ولكن تري أن اولها مثلا أنه لا يعيش تحت مظلة تأمينية مريحة ومناسبة فلا يطمئن أبدا إلي أنه إذا وافته المنية اليوم سوف يعيش اولاده حياة كريمة لذا يلهث طوال اليوم وراء لقمة العيش وتأمين مستقبل لأسرته.
أما خيري رمضان_صحفي و معد برنامج القاهرة اليوم_ فقال أن البرامج الحوارية أشبه بالصحيفة اليومية الساخنة ونحن كمعدّين أشبه بالحاوي و دورنا تنويري فلابد أن نعرض الحدث من خلال المرآه فنحن ليس دورنا صناعة الحدث فمثلا إذا كان هناك اعتصام ضد الحكومة فلابد أن ينقل كما هو..وقال أن البرامج الحوارية لاتتعمد الإساءة و إنما مناقشة القضايا من زواياها المختلفة المتفقة والمعارضة.
· تدعيم ثقافة الاحتجاج في الشعب المصري:
من أهم مميزات و فوائد البرامج الحوارية من وجهة نظر الدكتور عبدالوهاب المسيري أنها دعمت ثقافة الإحتجاج في الشعب المصري حيث يعتبر أن هذا في حد ذاته مكسب كبير..فقبل ثلاث سنوات كان المصريون يتقبلون الضغوط في صمت ودون شكوي و لكن بعد انتشار هذه البرامج و انتشار الوعي بالقضايا المختلفة وحقوق المواطن المهدرة قام المصريون باختلاف فئاتهم بإضرابات احتجاجا علي أوضاع غير مقبولة أو طلبا لحقوق مهدرة و ثقافة الاحتجاج هذه من وجهة نظره هي البداية لكي يحدد و يختار الشعب المصري مصيره بيده.
. وقد كانت بداية هذه الموجة من الاضرابات في ديسمبر الماضي في قطاع الغزل والنسيج في دلتا مصر واتسعت بعد ذلك لتشمل قطاعات عمال ورش السكك الحديدية وعمال الأسمنت، بالإضافة لقطاع الغزل خاصة في شبين وكفر الدوار في منطقة الدلتا.
ويري حمدي حسين - نقابي مستقل بشركة الدلتا للغزل والنسيج، المحلة الكبرى أنأ
أن ما يحدث على الساحة العمالية في مصر هو انتفاضة عمالية تأخرت كثيرا. انتفاضة تعبر عن زيادة في الوعي العمالي كرد فعل على تزايد الضغوط عليهم بين غلاء أسعار، وأجور متدنية، وتعسف إداري، بيع شركات، وتقاعد مبكر. وكان من الطبيعي أن يحدث الانفجار في أي لحظة. وفي هذه الحالة كان إضراب غزل المحلة في ديسمبر هو الشرارة التي أشعلت الموقف لأن جميع العمال نظروا لهذا الإضراب الناجح كمثل يمكن إتباعه للدفاع عن حقوقهم. وطبعا لعبت القيادات العمالية المستقلة دورها في توعية العمال وقيادتها للوقوف في وجه التعسف وانتهاك معايير العمل الدولية. وهو الأمر الذي ترصده تقارير الاتحادات العمالية الدولية.
أما المهندس محسن الجيلاني - رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج - القاهرة فيقول أنه بالتأكيد هناك قلاقل على الساحة العمالية في مصر، وأسباب ذلك عديدة.
فهناك نقص في استثمارات الدولة في مصانع القطاع العام على مدى سنوات أدى لتدهورها، ودخل العمال في قطاع الغزل النسيج متدني لأنه يعد أفقر قطاع صناعي في مصر لكن الأساس، خاصة في حالة إضراب غزل شبين، هو التخوف من الخصخصة وهو في رأيي تخوف لا محل له. علينا أن نعيش الواقع. فنحن اخترنا الاقتصاد الحر والاندماج في الاقتصاد العالمي وإذا لم يستتبع هذا تدفق للاستثمارات الأجنبية تشغل العاطلين، فكل ما نفعله لا فائدة له. ولذلك يجب أن يعطي العمال المثل صحيح أن العامل قد يحس بالاطمئنان في حضن الدولة لكن الدولة ليست مدير. الثقافة السائدة في المجتمع المصري ضد الخصخصة، وهذا شيء سيء لكن النشاط الاقتصادي يجب أن يترك للقطاع الخاص لأنه أكفأ وأقدر على التشغيل وعلى الإنتاج.
أخيرا، في رأيي أنه لا يمكن فصل ما يحدث على الساحة العمالية مؤخرا عن عوامل أخرى سياسية وأمنية، فالعناصر التي فشلت في الانتخابات النقابية الأخيرة أو التي لم تنجح في الترشح لها تلعب دورا في تأجيج الموقف, لكننا يجب في النهاية أن نحافظ على بلدنا وعلى الإنتاج. ويكفي أن أقول إن إضراب غزل شبين وحده يكلف الدولة خسائر بمائة وخمسين ألف جنيه يوميا.
و من الواضح أن هؤلاء العمال يتحدثون عن فهم و دراية ووعي بالوضع وليسوا فقط يقومون بالإضراب عن غير فهم وأعتقد أن هذا يعود بنسبة كبيرة إلي البرامج الحوارية التي دعمت ثقافة الإحتجاج من خلال نشر الوعي.
· القضايا الأمريكية في البرامج الحوارية المصرية:
يقول معتز الدمرداش أنه لايشعر بأي أهمية لمناقشة القضايا الأمريكية في البرامج الحوارية المصرية فهو يري أن مصر بتعدادها الذي يبلغ السبعين مليون و أكثر لديهم بالطبع أكثر من مليون ملف يحتاج إلي مناقشته ويحتل الأولوية في هذه البرامج بالنسبة لمشاهديها فبالرغم من أن هذه البرامج تعرض علي قنوات فضائية إلا أنها تخاطب المشاهد المصري في الأساس و الذي يحتاج لبديل عن الإعلام الحكومي أو الرسمي الذي يعيقه سقف الحرية المحدود..لذا يري معتز الدمرداش أن أجندة برنامجه 90 دقيقة لاتحتوي علي القضايا الأمريكية علي الإطلاق.
في حين يختلف محمود سعد_مقدم في برنامج البيت بيتك_ معه في الرأي حيث يعتقد أن أمريكا توجد بالفعل في ذهن المواطن المصري فيقول :المصريون يعتقدون و هذا عن متابعة حقيقية مع الناس أن ارتفاع سعر البترول سببه أمريكا و ارتفاع سعر رغيف الخبز لأننا نجلب القمح من امريكا ..وأنا أري أن أمريكا هي سر خراب الوطن العربي بأكمله فهي أن تريد الإستحواذ علي كل إمكانيات وخيرات المنطقة العربية.
ويختلف معه معتز الدمرداش في هذه النقطة أيضا موضحا أن دور مقدم البرامج الحوارية ليس الهجوم علي النظم السياسية المختلفة وانما عرض الحقائق والقضايا بزواياها المختلفة المؤيدة والمعارضة.
بينما تقول مني الشاذلي أنه منذ حوالي خمسة وعشرون عاما لم يكن المصريون يهتمون مثلا بالإنتخابات الأمريكية و من الفائز بوش الابن ام آل غور كلينتون أم بوش ولكن حاليا يهتم المصريون جدا بالانتخابات الامريكية و المنافسة بين أوباما و هيلاري كلينتون و ذلك لوجود رابط عربي مهم وهو العراق حيث يفكر الناس في مصير العراق و المنطقة العربية الآن من خلال الإنتخابات الأمريكية..لذا فأنا أري أن القضايا الأمريكية أصبحت موجودة بالفعل في دائرة اهتمام الشعب المصري بسبب أثرها في الشرق الأوسط والمنطقة العربية تحديدا.
· البرامج الحوارية بين التغطية الإعلامية وإعلام الإثارة:
هل تتناول البرامج الحوارية القضايا الساخنة بموضوعية وحياد أم أنها توجه هذه القضايا خاصة عندما تكون وحساسه إلي الإثارة و فقط؟
فمثلا قضية تصريح وزير الثقافة فاروق حسني أن الحجاب يعيق تقدم المرأة و الذي استضافه برنامج 90 دقيقة وقتها و تناول البرنامج هذه القضية لمدة ثلاثة أيام متتالية يعتبر تغطية إعلامية صحيحة أم استغلال قضية ساخنة للإثارة .
في هذا الصدد يقول معتز الدمرداش مقدم البرنامج ان الأمر تتطلب هذه المتابعه بسبب مداخلة النجم حسين فهمي وتأييده لرأي الوزير بأن المراة المحجبة متخلفة عقليا و ذهنيا مما أثار الحساسيات في المجتمع المصري وأدي هذا إلي ضرورة توضيح الأمر للمشاهدين علي ثلاثة حلقات متتالية للتهدئة وليس للإثارة.
وتضرب مني الشاذلي مثالا بحلقة الفروق بين السنة والشيعة في برنامجها العاشرة مساء فتقول أنه توجد عدة طرق لمناقشة هذا الموضوع و لكن يجب التفرقة بين إعلام الحرائق والإعلام الموضوعي فمثلا كان من الممكن مناقشة الخلافات بين السنة والشيعة بطريقة تجعل المشاهدين السنة يكرهون الشيعه والشيعه يكرهون السنه وهذا المقصود بإعلام الحرائق الذي يستفز الضيوف للحصول علي أكبر قدر من الإثارة وهذا مرفوض و لذا تعاملت الحلقة مع الموضوع بنوع من الحرص الزائد و التخوف و الرقابة الموضوعية جدا حتي لايثير هذا الأمر ما قد يثيره .
· وثيقة تنظيم البث الفضائي:
هل يمكن أن تؤثر وثيقة تنظيم البث الفضائي علي حجم الحريات في البرامج الحوارية؟
لقد عارضت أربع وثلاثون منظمة حقوقية عربية ودولية هذه الوثيقة حيث قالت المنظمات الحقوقية المدافعه عن حرية التعبير في بيان رفضها الوثيقة"أن بنود الوثيقة تهدف بالأساس إلي إحكام السيطرة علي البرامج الحوارية والوثائقية التي تسلط الضوء علي الممارسات القمعية و قضايا الفساد المستشري في العالم العربي لحكومات جاء أغلبها عن طرق بعيدة عن الديمقراطية ولا تعبر عن إرادة شعوبها".
و قد ألزمت الوثيقة هيئات البث الإذاعي و التليفزيوني بإخضاع محتويات البرامج للجنة مختصة بالرقابة بدعوي فرض جداول زمنية للبرامج و حماية الأطفال وهو مايسمح بالطبع بتدخل الرقابة في محتوي ما يتم بثه من برامج لا ترضي عنها هذه الحكومات .
لذلك أعلنت هذه المؤسسات والمنظمات الحكومية التي أصدرت بيان رفضها للوثيقة أنها لن تتأخر في دعم حركة الرفض الواسعة ضد هذه الوثيقة والتأكيد علي حق المؤسسات الإعلامية في ممارسة عملها بدون قيود أو رقابة و الإنحياز لحق المواطنين في برامج جادة تكشف العيوب و تفضح الإنتهاكات اليومية التي يعاني منها المواطنين العرب.
تحقيق : يمني طاهر عبدالمنعم.
0 تفاعل معنا:
إرسال تعليق