الاثنين، 9 يونيو 2008

ماذا تحمل الانتخابات الامريكية لدول الشرق الاوسط ؟



ماذا تحمل الانتخابات الامريكية لدول الشرق الاوسط ؟
مشهد لأطفال نائمون في فراشهم ، صوت خلفي لهذا المشهد يقول: " إنها الساعة الثالثة صباحا و أطفالك نائمون في سلام...و لكن الهاتف يرن في البيت الابيض...شيء ما يحدث في العالم ..صوتك سيقرر من يرد على هذه المكالمة ".هذه هي فكرة الدعاية التي اعتمدت عليها هيلاري كلينتون- المرشحة الديمقراطية- للتشكيك ضمنا في قدرة منافسها الديمقراطي باراك اوباما ،ليرد هو عليها بحملة دعائية مشابهة : مشهد لأطفال نائمون و اخر يتحدث عن هاتف يرن في ارجاء البيت الابيض و يقول : عندما يرد احد على هذه المكالمة ، الا ترون انه يجب ان يكون الرئيس هو الشخص - و الوحيد - الذي يتمتع بالحكمة و الشجاعة لمعارضة حرب العراق من البداية؟؟!!!!

هكذا استغل اوباما نقطة ضعف منافسته كلينتون التي لم تحدد موقفها من الملف العراقي المتشابك ، و ها هي الانتخابات الامريكية تقترب من النهاية، المرشحين الديمقراطيين هيلاري كلينتون- السيدة الأجرأ لخوض الانتخابات ضد مرشحيها الذكور ، و باراك اوباما المرشح الاسود، و جون ماكين بطل حرب فييتنام و الذي أضحىالمرشح الوحيد عن معسكر الجمهوريين، يتسابقون للتربع على عرش القطب الاوحد في العالم ، بيد أن الامر لا يسمح بطرح القضايا الانتخابية التي اعتدنا عليها نحن - شعوب دول العالم الثالث - مثل نزاهة الانتخابات ، فهي قضايا غير مشكوك في أمرها ،فهي من أطول الانتخابات في العالم تصل إلى عام كامل من عمليات التصفيات ، بشكل دقيق ، و لكن المثير للدهشة - و ما نلتفت إليه نحن العرب - أنه بالرغم من ان هذا العام شهد توافد عناصر جديدة على الانتخابات مثلأ اوباما - المرشح من اصل افريقي- ، و ميت رومني الجمهوري - من طائفة المورمون، و اخرى سيدة ، فلم نجد فيها نقطة دم واحدةاو شكلا من اشكال الصراعات المتعارف عليها ضمن المنافسات الانتخابية ، اللهم فقط صراعات الالسنة التي شهدها العالم في المناظرات الانتخابية بين المرشحين لكي يثبت كل طرف نفسه في مقابل وضع خطوط حمراء تحت مساويء الاخر

و لكن هل يمكن أن ترجح كفة الاقوال التي تقر بأن هؤلاء المرشحين ما هم إلا بوش جدد في المنطقة ؟ و ان ذلك يظهر ضمن برامجهم الانتخابية؟؟
يرى ا\ مصطفى بكري – عضو مجلس الشعب و رئيس تحرير جريدة الأسبوع ، أن الفروق بين المرشحين بسيطة جدا ، و لن يخرج أحدا منهم عن سياق الاستراتيجية الامريكية في التعامل مع العالم الخارجي التي تقوم على المصالح الامريكية في المنطقة و السيطرة على منابع النفط ، إلى جانب مصالح إسرائيل ، و من هنا لم نر مرشحا يمكن ان ينحاز للعرب و بالرغم من ظهور بعض الاستطلاعات التي قامت بها شبكة السي ان ان، و التي اظهرت اهتمام العالم و خاصة الدول الاوروبية بالانتخابات الامريكية ، الا انه لا يبدو على المواطن المصري اهتمامه بهذه الانتخابات ، الا من يرى ضرورة الانسحاب من العراق ، لذلك ربما يتمنى المصريون صعود اوباما لانتمائه لأصول إسلامية أفريقية.

نيجرو ...مرشح كوكلاس كلان
ومن الواضح ان اوباما حريص على تجميل صورة الولايات المتحدة ، فهو ينادي ببناء جيش قوي لها ، ويؤيد منع ايران من امتلاك اسلحة نووية من خلال ما يسمى( بالتفاوض المباشر) فالسياسة الامريكية إما انها تتغير بتغير الرئيس و إدارته برمتها ، او انها سياسة واحدة و على كل رئيس ان يقوم بتنفيذها ضمن برنامجه الانتخابي ، فقرار مثل ضرب إيران – على سبيل المثال - هو قرار غامض في تنفيذه .
و في هذا الشأن يقول د\ عبد المنعم سعيد – مدير مركز الاهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية – ان لكل رئيس شخصية مميزة و دور حاسم في رسم السياسة الامريكية ، و لكن لم يتم التقليل من خطر إيران من قبل المرشحين ، أما مسألة إقامة الحوار مع الطرف الاخر تعود للتكتيك ، فأوباما يرى ضرورة التفاوض ، و هناك من يرى ضرورة تعريف الشعب الايراني بخطورة النظام الايراني - و الذي يحكمه علماء دين- يعتبر معاديا لامريكا مثلما كانت الماركسية ،و هذه المشكلة تعود للشعب الايراني ، اما المشكلة التي تقف حائل امام امريكا كونها تسعى لامتلاك برنامج نووي إلى جانب تكوينها لمنظومة ثلاثية مع حزب الله و حماس

إيران...وخيار التفاوض
و يؤكد ا\ بكري في هذه النقطة على ان هناك مسافة كبيرة بين الحرب المعلنة و التفاوض المباشر و في حال عدم نجاح اي من المرشحين (بالتفاوض المباشر) في اقناع ايران للتراجع عن برنامجها النووي ربما يكون هناك خيار اخر ، و لكن حتما سيأتي الوقت الذي تجد فيه امريكا نفسها امام هذا الخيار ، فوقوع امريكا في المستنقع العراقي ، و انشغالها باختيار رئيس جديد ، كل ذلك يحول دون خيار الحرب ،و الرئيس الامريكي ليس حرا في اتخاذ قراراته ، فهناك إدارات ، استراتيجيات موضوعة ، و كبار صناع السلاح في امريكا و حتما سيؤثرون بالسلب او بالايجاب على قرارات الرئيس ، كما ان هناك نقطة انطلاق بين امريكا و ايران تكمن في مصالح كلا الطرفين في المنطفة ، و نتمنى ان يسمح لإيران ان يكون لها موضع قدم في العراق

هيلاري...السيناتور ام الرئيس
و عن هيلاري التي يرى بعض المراقبون انها تكيل بمكيالين و انها ربما تختلف اطروحاتها كسيناتور عن اطروحاتها كمرشحة ثم من بعد ذلك كرئيس ، يستبعد بكري ان تعكس كلينتون الرؤية الحقيقية لجموع الديمقراطيين ، فهي مؤيدة تماما لإسرائيل ، و ساندت فكرة التراجع الامريكي عن نشر الديمقراطية بالشرق الاوسط ، و هذا هو الهدف : اختراق المجتمع من الداخل و هدمه و من ثم نشر الديمقراطية حتى يصل انصار امريكا الى السلطة ، و هم الان يتعلمون من درس حماس التي صعدت على اكتافهم من خلال فوزها بالانتخابات و فرض سيطرتها على الضفة الغربية ، و هذا دليل على عدم ايمان امريكا الحقيقي بالديمقراطية و لكن هناك ايمان بفرض السيطرة عبر ما يسمى بالديمقراطية
و لكن يعتقد د\ عبد المنعم ان هيلاري تختلف عن غيرها في امتلاكها الخبرة التنفيذية و التشريعية كونها لصيقة بصنع القرار لمدة 8 اعوام و هي من انجح فترات الرئاسة الامريكية و التي ارتفع بها الاقتصاد الامريكي في مقابل افتقار ماكين و اوباما لهذه الخبرة.
قضايا خارجية ...في انتخابات محلية
و بالرغم من ان الشعب الامريكي يركز اهتمامه على القضايا الداخلية ، إلا ان مسألة العراق أضحت قضية داخلية و من هنا فالمزاج الامريكي العام مع من يطالب بالانسحاب الامريكي من العراق لأن الخسائر المادية الناجمة عن هذه الحرب زادت عن 500 مليار $ إلى جانب سقوط الاف القتلى و الجرحى .

الاستيطان... كلمة لها وقع تاريخي جميل!!!!
و عن موقف الدول العربية من التدابير الامريكية لها، و ان لكل مرشح ما يحمله للملف الشرق الاوسطي ، ترى د\ منار انه علينا ان نفهم كيف يعمل النظام الامريكي حتى ندرك التعامل معه ، فالوسائل الافضل لطرح قضايانا من خلالها على الساحة الامريكية هما: ربط كل قضية من قضايانا بمصلحة المواطن الامريكي ، والاهم ان نقدم قضايانا من خلال خطاب حقوق الانسان الذي يفهمه المواطن الامريكي و استخدامه في طرح ما يتعرض له الشعب الفلسطيني ،و انه علينا ان نتذكر ان كلمة ( الاستيطان ) على سبيل المثال ليست كلمة سيئة او سلبية لديهم ، فالاباء الاوائل للامريكان استوطنوا دولة امريكا .

و عن نقاط الخلاف التي تفصل بين الجمهوريين و الديمقراطيين في اتخاذ القرارات ، يرى الكاتب الصحفي ا\ فهمي هويدي ان قرار مثل ضرب ايران يتعلق بشكل مباشر باسرائيل كونها تحتكر القوة في المنطقة ، و لا تهدد الولايات بشيء
ومن هنا يؤكد الكاتب على حتمية ضرب ايران في حال فوز ماكين ، و ان فاز ديمقراطيا بالرئاسة يمكن ان تضغط اسرائيل عليه لتغيير وجهة نظره بالايجاب تجاه ضرب ايران
و بالرغم من تشابك الملف العراقي ، فان الااقتصاد الامريكي – على حد قول هويدي - يحتل رقم واحد في الانتخابات ، لذلك ان صعد ديمقراطيا فسيسحب القوات الامريكية انقاذا للموقف الاقتصادي

و بالرغم من هذه المفارقات ، إلا ان الشارع الامريكي منحاز إلى حد كبير لصعود اوباما بغض النظر عن اصوله الافريقية ، و بالرغم من نتائج الانتخابات العامة كانت كاسحة لصالح اوباما بجمعه عدد من الولايات لصالحه ، إلا ان هيلاري جمعت بين راحة كفيها الولايات الاهم و هي ( اوهايو و تكساس...)مما لا يعني بالضرورة ان يحسم هذا الخلل في الميزان لصالح اوباما

و قد قال د \ عبد المنعم المشاط - مدير مركز الدراسات السياسية بجامعة القاهرة - ان المجتمع الامريكي برغم تعدديته، الا اننا لم نجد الممارسات الممتهنة التي نشهدها في دول العالم الثالث لانعدام الديمقراطية و عدم احترام الرأي الاخر
و قد اكد على ان استمرارية تداول اسس معينة في السياسة الخارجية الامريكية هي بسبب اعتمادها على مؤسسات و ليس افراد ، و لكن في اللحظات الحرجة تظهرا لشخصية الامريكية مثل الرئيس السابق ريجان الذي نجح في مواجهة خطر الاتحاد السوفييتي، اما بوش فقد نجح في الاساءة لصورة الولايات المتحدة.
و قد طرح المشاط سؤالا حول اي من المؤسسات العربية لعبت دورا في افهام المواطن الامريكي القضايا بالشكل الصحيح ؟ فقد عجزت جامعة الدول العربية بالاضافة الى منظمة المؤتمر الاسلامي في الوقت الذي تؤجر فيه الدول شركات دعائية لتحسين صورتها هناك.

الجمهوريون ليسوا ( أجدع ) من الديمقراطيين
و بوجه عام اكدت د\ منار الشوربجي- من خلال مقالة لها بإحدى الصحف- على فكرة أنه لا فرق بين اعتلاء جمهوري او ديمقراطي للبيت الابيض، فالمناخ العام في امريكا ضد العرب و قضاياهم ، ففي الازمنة السابقة ، بنى اصحاب فكرة ان الجمهوريين ( اجدع ) من الديمقراطيين بناء على واقعتين تاريخيتين ، الاولى و هي موقف الرئيس ايزنهاور الجمهوري من العدوان الثلاثي في الخمسينيات ، و الواقعة الاخرى هي موقف الرئيس بوش ( الاب) من ضمانات القروض لإسرائيل في الثمانينيات ، اما الحقيقة الاخرى، فهي ان اليهود يصوتون باغلبية كبيرة للديمقراطيين ، و لكن لماذا يسقط من حساب هؤلاء ان ريجان الجمهوري هو الرئيس الذي وصفته اسرائيل بأنه افضل رئيس امريكي ، و ان قانون نقل السفارة الامريكية إلى القدس مثلا قام بتمريره الجمهوريين ،ولا بد
ان نعي قضية رئاسة الكونجرس و الرئاسة معا، لأن طبيعة صنع القرار في الولايات تجعل من المهم فهم الخريطة السياسية التي تكمن في تأثر قرارات الرئيس بالكونجرس ، و حتى لو كانت الظروف مواتية و جاء الى الحكم من هو اكثر توازنا في مواقفه ، فإن الجو العام يدفعه لاتخاذ قرارات تتناسب مع المناخ المهيمن و الدليل على ذلك ما وقع في الحملة الراهنة لأوباما حين قال انه لا يوجد من يعاني اكثر من الفلسطينيين ، و هو التصريح الذي تعرض بسببه لهجوم شرس ، مما ادى الى تراجعه فورا في اليوم التالي قائلا : ان المسؤول عن مأساة الفلسطينيين هم زعمائهم و ليست إسرائيل ، وان هذا هو المعنى الذي كان يرمي إليه منذ البداية.

مصر و حلم المناظرات
و قداستبعد ا\ مصطفى بكري ان تشهد مصر في الوقت الراهن مثل تلك المناظرات الانتخابية بين المرشحين و التي يضرب بها اروع المثل في الديمقراطية و لكن ، حتما سيأتي اليوم الذي تعقد فيه هذه المناظرات بين المرشحين تظللها انتخابات حرة و نزيهة في مصر
كما علق د\ عبد المنعم سعيد على هذه المناظرات قائلا: لن تشهد مصر تلك المناظرات التي تعكس الديمقراطية ............على الاقل في حياتي.
تحقيق : دينا حسن

0 تفاعل معنا: