بداخل محكمة الأسرة طفل غابت الابتسامة و البهجه عن وجهه يمسك بيد أحد أبويه وباليد الأخرى يستعطف الطرف الآخر في محاولة ساذجة منه لمنع تفكك الأسرة ينظر بأسي إلى شجارهم وسط طرقات معتمة تنتهي بسلالم لا يعرف إلى أين تذهب به،تحيطه قاعات الجلسات موصدة بأبواب يجهل ما يخبىء له الزمن ورائها .
يجلس داخل "غرفة انتظار الأطفال" ولكنها كانت أشبه بغرفة عقاب على ذنب لم يقترفه،الصمت يعم المكان،لا يوجد سوى كمبيوتر واحد وسجادة وكنبه، خالية من الألعاب،بها نافذة يدخل منها بصيص ضوء يعيد الأمل المفقود ٳلى الطفل.
يجلس داخل "غرفة انتظار الأطفال" ولكنها كانت أشبه بغرفة عقاب على ذنب لم يقترفه،الصمت يعم المكان،لا يوجد سوى كمبيوتر واحد وسجادة وكنبه، خالية من الألعاب،بها نافذة يدخل منها بصيص ضوء يعيد الأمل المفقود ٳلى الطفل.
ويستكمل كلماته البريئة قائلاً :" أنا لما أكبر نفسي أعيش مع مراتي وأولادي في بيت واحد .... بس أنا مش هتجوز أصلاً "
ومن أمام مكتبة التسوية سالت دموع ( ولاء محمد – أم وربة منزل ) وهي تحدثنا عن الحالة النفسية لابنتها ( ميادة – 3 ابتدائي ) بعد أن انفصلت عن والدها الذي تزوج بمجرد أن تم الطلاق ونسي أن لديه طفله في حاجة لرعايتة فتقول ولاء:" ميادة أصبحت تميل للعزلة واﻹنطواء،تجلس تبكي في غرفتها لفترات طويلة،وقسوة والدها معها تسببت فى كراهيتها له ورفضها التام لرؤيته فعندما يسألها أصدقائها في المدرسة عن والدها تقول:"بابا مات". وتشاركها المأساة أم لطفلين معاقين ذهنياً وتقول أن والدهم قد تركهم في الشارع ورفض الإنفاق عليهم كما أن ابنتها الكبرى كانت تحلم بالحصول على الثانوية العامة ولكن بعد الانفصال تأخر مستواها الدراسي وضاع حلمها بدخولها ثانوي تجاري،بالإضافة إلى أنها أصبحت شديدة العصبية وكثيراً ما تضرب إخوانها بقسوة وتكره المنزل وتقضي معظم وقتها في منازل صديقاتها.
مصلحــــــــة الطفل
يؤكد " أشرف تاج الدين محمد " المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة أن القانون المصري كان يبحث أولاً عن مصلحة الطفل فنص القانون على أن " الصغير لأمه " منذ لحظة ولادته وحتى بلوغه سن الخامسة عشر حيث أنه يكون في حاجة إلى رعاية أمه.
ويضيف أ.أشرف أن حق الحضانة يتولد عليه حق الرؤية وهي رؤية الأب للأطفال والذي أقره القانون لمصلحة الطفل حتى ينشأ في بيئة صحية ما بين الأب والأم،وأجاز القانون للأب أن يتقدم إلى محكمة الأسرة بدعوى نقل حضانة ٳذا امتنعت الأم عن تنفيذ حكم الرؤية.
قانـــــــــــون جديد
و يشير أ.أشرف الى أن قانون الأحوال الشخصية الجديد أعطي السلطة للقاضي في حالة تنازع المستحقين على حضانة الطفل أن يخير الطفل بعد بلوغه سن الخامسة عشر بين المكوث مع الأم أو الانتقال إلى الأب.
وللطب النفسي بعض التحفظات حيث اعترض الدكتور "راجي بوشة العمدة" – مستشار مفوض طب المخ والأعصاب والطب النفسي باللجنة الطبية الدائمة للأمم المتحدة- على هذا القانون مؤكداً أن هذا السن لا يسمح نهائياً للطفل باﻹختيار بين والده وأمه،فالطفل في هذه المرحلة يكون في قمة التذبذب وسيبدأ كل طرف من الأبوين باللعب على الجانب العاطفي والنفسي للطفل بحثاً عن الفوز بحضانته،والضحية في جميع الأحوال هو الطفل.
الــــــــــــزواج الثاني
تقول " أمل شاهين " وكيل المرحلة الابتدائية بمدارس شيراتون هليوبوليس للغات : " بحكم عملي كباحثة اجتماعية أجد أن انفصال الزوجين يؤثر تأثير سلبي على الطفل و 90% من هؤلاء الأطفال ينشئوا غير سويين اجتماعياًُ .
وأشعر كذلك أن الأم إما أن تدلل الطفل أو تقسو عليه بشدة حيث تشعر بأن المسئولية قد وقعت على عاتقها وحدها فتحاول بقدر الإمكان أن تجعله طفل مثالي .
وفي حالة زواج الأم بعد الانفصال نجد أن زوج الأم في معظم الحالات لا يهتم بسلوك الطفل أو بمصلحته وبالتالي يتولد لدي الطفل شعور بالكراهية تجاه هذا الشخص،ومن واقع الحالات حالة طفلة أصيبت بخوف مرضي فكانت تخاف من جميع الرجال ودائماً ما كانت تضع يدها على شعرها وعندما بحثنا هذه الحالة فوجئنا بأن زوج الأم كان يضربها ويجذبها من شعرها،وعندما علمت الأم انفصلت عن زوجها وتحسنت حالة طفلتها

كما تصف "صفاء محمود مرسي" – الأخصائية الاجتماعية بمدرسة الجبرتي للتعليم الأساسي- الطفل بالذكاء الشديد وفي حالة انفصال الأبوين يتغير سلوك الطفل ويصاب بالفتنه ويبدأ في استغلال الأب والأم كلاً على حدة لتحقيق رغباته،ومن ذلك حالة طفلة في الصف الثالث الابتدائي انفصل والداها فأصيبت باكتئاب وانطواء وأصبحت تتحدث بصعوبة،و حاولت الانتحار بإلقاء نفسها من نافذة الفصل بالمدرسة،ولم تكن هي المحاولة الأولي بل أنها حاولت الانتحار بنفس الطريقة في بيتها وعندما تحدثت معها قالت:" أنا زعلانة من ماما علشان هتتجوز" ومن سؤال الأم تبين لنا أن الأب أيضاً متزوج وله أبناء من زواجه الثاني مما تسبب في ألم نفسي شديد للطفلة،وفي مثل هذه الحالات ينتهي دور الباحث الاجتماعي ويصبح من الضروري تدخل الطب النفسي.
انعكــــــاسات سلبية
وعن الانعكاسات السلبية على الصحة النفسية للأطفال يوضح د.أحمد البحيري –استشاري الطب النفسي– أن الطفل يفقد الشعور بالأمان والثقة في الآخرين نظراً لفقدان الثقة التى يمنحها الأبوين مما يصيبه باكتئاب يظهر في شكل نشاط زائد أو خمول تام .
وقد يصاب الطفل باضطراب المسلك فيتسم بالعنف أو يسعى للحصول على ثقة الآخرين سواء عن طريق السرقة أو تكوين " شلة " ينتمي لها .
كما يحدث ما يسمي " بالنقوص " وهو الرجوع إلى مراحل عمرية سابقة تتمثل في" قضم الأظافر" وارتداء ملابس كان يرتديها وهو صغير والتبول اللاإرادي وهي طرق لجذب الانتباه والتعبير عن رغبة الطفل في أن يكون مركز اهتمام والديه .
هذا بالإضافة إلى التأثيرات السلبية على تحصليهم الدراسي نتيجة عدم التركيز.
رحمــــــــــة بأطفالكم
و يختتم د.راجى حديثة مؤكداً ضرورة تهيئة جو نفسي مناسب للطفل بعد الانفصال ، وينصح بعدم إلقاء أحد الأطراف مسئولية الانفصال على الطرف الآخر، فلا تتعمد الأم الحاضنة تشويه صورة الأب و حرمانه من رؤية الطفل حتى لا تضر بمصلحة الصغير .
ويأتي بعد ذلك الحفاظ على صورة العائلة اجتماعياً بين الناس وإقناع الطفل بأن الانفصال لا يمنع نشأته في جو من الود والاحترام بين الأبوين.
وعلى الرغم من هذه النصائح سيظل هذا الطفل مختلفاً عن أقرانه الذين تمتعوا بحنان كلا الأبوين ، فما أسهل كلمة طلاق وما أمر ما يذوقه الأطفال الذين يدفعون ثمن خلافات الآباء،وعلى الأبوين تجاوز المشاكل البسيطة ضماناًَ لمستقبل أطفالهم.
تحيق : مريم عادل
0 تفاعل معنا:
إرسال تعليق