الخميس، 10 أبريل 2008

ملائكة الرحمة" يطلبن الرحمة"


كتبت-شيماء عبد الرؤوف


إنه اليوم الذى تنتظره بفارغ الصبر ، ارتدت ملابسها وتزينت في إنتظار عريسها الذي جاء أخيرا ليطلب يديها ،تذكرت كيف تعرفت عليه ويوم أن تقابلا لأول مرة في فرح إحدي أقربائها وكيف تلاقيت نظراتهما معا فشعرت بالنشوة الشديدة ، ومالبث أن دق جرس الباب فارتعشت اوصالها ، حاولت ان تسيطر على مشاعرها ،وضعت اللمسات الاخيرة ثم خرجت لإستقبال عريسها وأهله، أخذا يتحدثان سويا وتحكى لهما عن معانتها في العمل ولكنها شعرت فجأه بنظرات غريبة يتبادلها العريس مع والدته سرعان ما فهمت مغزاها وأدركت أنه سيخرج كسابقيه بلا عودة ،وكان كل ذلك لا لشئ سوى لكونها ممرضة!!!!




وذلك ما واجهته رشا رفعت الممرضة بمستشفي الحسين الجامعي حيث قالت انه حين جاء عريس ليتقدم لها قالت له أمه أمامها ( أخرة المتمة هتتجوزلى ممرضة ) وأضافت انه تقدم لخطبتها أثنان من قبل ولكنهم اشترطوا عليها ترك عملها ولكنها لن تستقيل لإى سبب حتى لو أصبحت عانس.

وأكدت فاطمة عبد الحميد حكيمة التمريض بمستشفى الدمرداش على أن نظرة المجتمع للتمريض سيئة للغاية قائلة إن أول كلمة تأتى على لسان المرضى (ايه حته الممرضة ديه) (إنتى فاكرة نفسك معاكى بكالوريوس تجارة) !! ، و مؤكدة على أن الإعلام هو أساس ذلك لأنه دائما ما يعرض الممرضة في صورة المرأة المنحلة خلقيًا او الراقصة التائبة فمن يوافق الان على عمل ابنته اوأخته بالتمريض ؟ بل ان الأزواج يجبروا زوجاتهم على ترك العمل.

المستشفى مفهاش فلوس

وقالت فايزة السبيتى ممرضة:(يارب يلغوا التمريض) فمنشية البكرى مظلومة (عشان كده التمريض سايبها ) فانا اعمل منذ 13 عاما ومرتبى بالحوافز والبدلات لايزيد عن 300 جنيه شهريًا فالنوبتجية ب 95 قرشا بينما التمريض في القصر العينى الجديد يحصل على خمس جنيهات ومع ذلك فقد قاموا بتنظيم إحتجاج (امال احنا نعمل ايه)!! ، وأضافت مطالبة بإعفاء المتزوجة من السهر والنوبتجيات لان ذلك يسبب لها ولغيرها الكثير من المتاعب مع ازواجهن واطفالهن .

بينما علقت فاطمة حسن أنها تسعى بالفعل للإبتعاد عن العمل بالمستشفيات الحكومية لأن راتبها 170 جنيهًا مقابل أنها تحصل على 800جنيه شهريًا بالمستشفى الخاص وأكدت أنها في حالة رفض الأجازة التى تقدمت بها فإنها ستلجأ إلى الانقطاع عن العمل مضحية بالمعاش.

وقد اشتكت جميع الممرضات بمستشفى الحسين بأن الحوافز لا يتم صرفها منذ شهر يونيو السابق حيث إتهمت هدى مشرفة تمريض - والتى رفضت ذكر اسمها كاملاً بسبب تحذير إدارة المستشفى لهم من التحدث إلى الصحافة- العميد بعدم اعطائهن حقوقهن في الحوافز والتحجج بأن صندوق الزمالة فارغ.

حياتنا على كف ايدينا

بينما أية صبحى فهى ممرضة في التاسعة عشر من عمرها لكن لم يرحمها صغر سنها هذا من الاصابة بعدوى صدرية نتيجة مخالطتها للحالات في الرعاية المركزة مما تسبب في نقلها إلى قسم الرمد .

وقالت جيهان بقسم التحاليل بمستشفى التامين الصحى : نحن نحضر صباحا و (احنا شايلين حياتنا على كف ايدينا) فنحن أكثر من بالمستشفى عرضه للعدوى بفيروس سي حيث نستقبل حوالى 50 حالة مصابة بالمرض يوميا ، واضافت إن مدام غالية التى كانت تعمل بقسم الرمد أصيبت به منذ شهور وصرف لها شهرين بدل عدوى (يعنى حياتها كانت مقابل 600 جنيها)!!

ربنا موجود

أما عن المشاكل التى يتعرضن لها الممرضات العاملات بعقود فأشارت لها سامية محمد وهى ممرضة في الثالثة والعشرين من عمرها على وشك الولادة ، جلست على أحد الكراسي بصعوبة شديدة ثم قالت (الشغل مبيرحمش ) والحكيمة لاتعفينى من أداء الأعمال الصعبة.
وأضافت أنها تم فصلها عن العمل بعد تغيبها لمده ثلاثة أشهر متواصلة بسبب أعراض الحمل في الشهور الاولى وحين استعادت صحتها عادت الى المستشفى بعقد الا انها أصبحت في الشهر الاخير وليس لها الإ أربعين يومًا أجازة في مقابل أن للمعينة ثلاثة أشهر، ثم سكتت قليلاً لكى تحبس الدموع التى اغرورقت بها عينيها من السقوط على جبينها ثم أستطردت حديثها قائلة: ( ماذا افعل مع ابنى الرضيع ؟) وأين سأتركه ومن المسئول عن حرمانه من رعاية امه ، فإذا تغيبت عن العمل بعد ذلك سيتم فسخ العقد نهائيا ولن يكون لى حق العودة ، وهذه المشكلة تلاحق كل العاملات بعقود ، فنرجو إعادة النظر للأجازة مراعاة لظروفنا الاسرية .

ولم تكن مشاكل الممرضات الحوامل فقط تقتصر على من تعمل منهن بعقود ولكنها كانت ايضا من نصيب المعينين فقالت زينب عبد الحى الممرضة بمستشفى التامين الصحى :انا من بنها وحامل فى الشهر الثامن انهيت تكليفى منذ ثلاث سنوات وحتى الأن لا يوافقون على قرار نقلى لإن (حاجة العمل لاتسمح) رغم أن هناك من انتقل (بالواسطة) لكن (ربنا موجود ولا يرضى بالظلم ابدًا) وأضافت بإنها تعود الى محافظتها اربعة ايام وتبيت بقيه الاسبوع بسكن التمريض حتى أنها كادت ان تجهض مرتين بل أن مشكلتها الكبرى تكمن بعد ولادتها فإبنها لن يتحمل السفر او العيش بسكن التمريض الذى لايحتوى على أدنى الخدمات التى يحتاجها إنسان وليس طفل صغير، وذلك سيضطرها إلى الحصول على أجازة او الإنقطاع عن العمل.

كذلك كان الحال مع منى التى أدى بها الأمر إلى طلاقها بعد سقوط حملها مرتين وكانت قد تقدمت إلى الوزارة بطلب نقل الى محافظتها وحصلت على موافقة الوزير نفسه الا ان إدارة المستشفى طلبت منها بديل لتسمح لها بالنقل.

بينما في قسم النساء والتوليد بالتامين الصحى رفضت الممرضات ذكر اسمائهن خوفا من ادارة المستشفى ولكنهن اكدن على وجود عجز كبير في هيئة التمريض مما يزيد من اعباء العمل عليهن فيؤثر بدوره على ادائهن وعدم اعطاء المريض حقه.

بيت الرعب

اما داخل سكن التمريض بمستشفى مدينة نصر كان الممر المؤدى إلى الغرف مظلمًا لايتسلله إلا بعض من أشعه الشمس والحجرات مفتحة الابواب ليطل منها أسَرة اشبه الى اسَرة السجون وحين تفوح رائحة عطنة فيعنى أن هناك أحد الحمامات القريبة أما الأسقف فكان يملؤها بيوت العناكب.

وقالت علياء عبد الراضى التى كانت تجلس على ارضية إحدى الحجرات :نحن نعانى في هذا السكن الغير أدمى فننام بدون عشاء و نضطر الى الاستحمام بمياه مثلجة في عز الشتاء فالغسالة والثلاجة والسخانات وسخان طهى الطعام معطلين عن العمل ,هذا بالاضافة إلى أن حمامات السكن باكملها مسدودة ولا يوجد الإ حمام واحد فقط تستعمله 60 مغتربة .

بينما قالت سحر إن بياتنا بالسكن يجعل المشرفات تمنعنا من العمل بأى مستشفى خاص وتوقيع الجزاءات علينا فى حالة مخالفتنا لذلك ، و شراء الطعام يستنزف رواتبنا فكيف لى أن أجهز نفسي للزواج ؟ واضافت أن المشرفات لايهتمن بهن على الاطلاق فحينما أُصيبت بالأعياء لم تسمح لها المشرفة بالأجازة فأضطرت إلى الغياب عن العمل وتم خصم الحوافزمنها.
ولم تكن مشرفات التمريض هى العقبة التى تواجه الممرضات بالسكن فقط فقد عانى منها ايضا طالبات معاهد التمريض أثناء التدريب حيث اشتكت أمل الصعيدى طالبة بمعهد التمريض بالعباسية من سوء معاملة المشرفات لهن وإهمال تدريبهن وسبهن أمام المرضى .

تجديد قانون مزاولة المهنة

و من جانبها أعلنت نازلى قابيل نقيب التمريض عن إعادة صياغة قانون مزاولة المهنة لصالح الممرضة المصرية .
وطالبت برفع الحد الأدنى لأجر الممرضة ليكون عند التعيين 300 جنيهًا و يصل بعد الحوافز وبدلات السهر والنبوتجيات من 500 الى 600 جنيه شهريا ، مع زيادة بدل الملابس للممرضة التى تحصل على جنيهين سنويًا في مقابل أن الزى يتكلف 300في الاساس جنيهًا او ان تتولى المستشفى شراء زى للمرضة كما تفعل المستشفيات بالخارج.
ومن ناحية أخرى صرحت دكتور هدى زكى وكيل وزارة الصحة ورئيس الادارة المركزية لشئون التمريض بأن المستشفيات الحكومية تعانى من سوء التعليم والتدريب التى تتلقاه الممرضات وأن الوزارة ستحاول تطوير مدارس التمريض وستبدأ ذلك بتحويل عشرون منها إلى معاهد ، مع تدريب مدرسات مائة مدرسة وتطوير وتوحيد المناهج بالإضافة إلى اختيار مستشفيات ذا تقنية عالية لتدريب الطلبة تحت إشراف عالى المستوى مع جلب ممرضات من إنجلترا للمساعدة على تدريبهم.
وأضافت أن هناك تفكير لإنشاء معاهد للتمريض لإستيعاب عدد أكبر من الممرضات في محاولة لسد العجز بالمستشفيات و أنه من المقرر مستقبلاً الإعلان عن فرص للممرضات للرجوع الى الخدمه بعقود .

وعلى جانب أخر أكدت نقيبة التمريض على حق الممرضة المصابة بأى نوع من العدوى في العلاج على نفقة الدولة وأضافت أن النقابة تقوم بصرف 300 جنيهًا كل ثلاثة شهور لمدة ثلاث سنوات في حالات الاصابة بأمراض السرطان و فيروس سي والفشل الكلوى .

وعن مشاكل الممرضات المتزوجات المغتربات فقالت نازلى قابيل: إننى أتحدى أى ممرضة متزوجة ورفض قرار نقلها ، نحن نحافظ على تماسك كيان الاسرة وأى ممرضة تتزوج تتقدم بطلب إلى الإدارة المركزية لشئون التمريض بوزارة الصحة ولا دخل لجهة العمل .

اما عن الإدارة المركزية فكان لدكتور هدى زكى رأى أخر حيث قالت أنه في حالات الزواج يتم نقل الممرضة إلى محافظتها بناء على موافقة الوزارة ،إلا أنها اضافت قائلة : أنه في حالة رفض جهة العمل ذلك فإننا لن نوافق على الطلب لأن الأمر سيكون ليس من اختصاصنا.

0 تفاعل معنا: