السبت، 14 يونيو 2008

حتى الموت بقى بيزنس

لم يعد هم الوفاة هو الحزن على فراق أغلى الناس بل أضيفت إليه هموم أخرى تزيد من الآسى والحزن والأعباء المادية على أهل المتوفى ألا وهى تكاليف الوفاة بداية من الكفن حتى تنتهى بسرادق العزاء ليصبح كما يقولون فى المثل الشعبى "موت وخراب ديار" ..والسبب هو بيزنس الأموات.


بيزنس الأموات فى مصر لم يتوقف فقط عند المدافن بمساحتها وأشكالها المختلفة بل شملت كل شى بداية من شكل الكفن وتكلفته ومروراً بتكاليف نقل المتوفى إلى التراب وأجرة التربى حتى يصل إلى تكلفة الجنازات التى أصبحت سوبر لوكس وحتى سرادقات العزاء بل وأيضاً تكلفة النعى .فلم يعد إكرام الميت دفنه عند البعض بل هناك أشياء كثيرة ستتعرف عليها الآن.
البدايه كانت من دار المناسبات الفايف ستار واولها عمر مكرم والتى تعد من اشهر واكبر القاعات فى مصر وهى قاعة تاريخية تشرف عليها وزارة الاوقاف ويقول مديرها محمد الحايس ان الدار تضم قاعتين مكيفة وارضيتها من رخام وتسع القاعة الكبيرة ل 300 شخص ورسم حجزها يبلغ 3 آلاف جنيه غير شاملة البوفية والمقرئين والسفرجية والقاعة الصغيرة تسع ل120 شخص ورسوم حجزها 1120 جنيهاً, ومن أشهر الجنازات " عزيز صدقى" وزير مصر السابق والفنانة القديرة " سعاد حسنى" .
اما قاعة مناسبات آل رشدن فهى خاصة بكبار الشخصيات بالقوات المسلحة وتضم ثلاث قاعات اكبرها تسع ل300 شخص وآخرى تسع 220 فرد والثالثة تسع 120 فرد وهى أضغر القاعات سعةً, ويضيف مديرها العقيد / ضياء كامل أن القاعات متاحة للمدنيين والعسكريين وهى مجهزة بقارئين وبوفيه ورسومها 750 جنيهاً واحياناً يقوم صاحب العزاء بتوسعات فى المكان من خلال إقامة السرداق الخارجى ومستلزمات البوفيه اضافة الى التصوير بكاميرات الفيديو ويكلف العزاء مالايقل عن 30 ألف جنيه, ومن أشهر الجنازات السيد " إيهاب الشريف " الذى كان يعمل سفيراً لمصر في العراق .
وتاتى دار مناسبات الحامدية الشاذية وهى تضم الشخصيات الهامة ويذكر مديرها الحاج/ فتحى أن الدار قاعتين سيدات ورجال أكبرها تسع ل240 شخصاً وأضغرها تسع 170 شخصاً وتبدأ اسعارهما من 1200 جنيهاً شاملة المقرئين والبوفيه, ومن أشهر الجنازات التى أقيمت بها هى جنازة الكاتب الراحل/ نجيب محفوظ وذكرى الأربعون للفنان السينيمائى/ أحمد زكى وياتى صاحب العزاء ويقول نفسى أعمل لوالدى حاجة تشرف مهما كانت التكاليف .
ويقول صلاح نصر الشهير بشحاته "حانوتى" باب الشعرية إن هذه المهنة انقرضت بسبب الجمعيات الشرعية والشركات والمؤسسات فكان هناك 72 مكتب ولم يبقى غير 12 فقط وكان للحانوتى زمان زي مُحدد وشنة ورنة أما الآن فانتهى عصر الحانوتى وهو يزاول مهنة اخرى بجانبها أما عن الأسعار فالكفن 100 جنيهاً, المغسل 120 جنيهاً, التربى 150 جنيهاً والعربية حسب المكان واختتم كلامه بمقولة " مش هاتغسل بواب العمارة زى صاحب العمارة"
أما فرج فهو حانوتى بولاق أبو العلا إنه يعمل بها وراثة عن أجداده وإنها لم تعد مثل زمان ولايوجد من يُقبل عليها فأى واحد حافظ آيتين يستطيع ان يغسل وأى عربية يمكن ان تنقل الميت فيها والكفن تعطيه الجوامع بأسعار رمزية وأما عن الأسعار فالمغسل ً100 جنيها , الكفن 150 جنيهاً و العربية تبدأ من 100 جنيهاً.
وياتى دور النعى كخبر وفاة خاصة لدى العائلات الكبيرة وهناك حكمة مأثورة (من لم يمت على صفحات الاهرام لم يمت) فالجرائد اليومية تتيح خدمة نشر نعى الاسرة والمشاطرات والذكرى السنوية والأربعين وما إلى ذلك من طقوس لدى الناس وتحمل إعلانات النعى رسائل حول مدى قوة العائلة من الناحية الإجتماعية ويشير دليل أسعارجريدة الأهرام إلى أن سعر السطر 110 جنيهاً وسعر الصورة على عمود بارتفاع 3 سم يصل إلى 2550 جنيهاً بزيادة 275 جنيهاً لكل سم بعد ذلك بحد اقصى 5 سم .
ويأتى دور المقرئ ومن أشهر المقرئين الطبلاوى ويأخذ 10آلاف جنيهاً داخل الدار وخارجها 30 ألف جنيهاً ويذكر أكرم يوسفأانه لن يأخذ شئ من أحد غصب عنه وأن الموضوع كله نوع من الوجاهه الإجتماعية فالقرآن فى العزاء يمنع المعزيين من الكلام ويجعلهم ينصتون له وأحيانا يطلب صاحب العزاء منى أن ادعى فى النهاية لوالده وحضورى عزاء لأشهر الشخصيات يزيد من شهرتى وطلبى فأنا محاسب ومقرئ فى نفس الوقت ولاينفع أن تكون شخصية مشهورة وتأتى بمقرئ عادى.
ويضيف الأستاذ/ محمد خليل أستاذ الشريعة أن كل هذه الأشياء لا تنفع الميت وأنها بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار فإذا كنا نفعل العزاء فى دار مناسبات فذلك لضيق المنزل وليس للتباهى فهناك من يزين الكفن وكأنه فستان فرح ويصرف ملايين الأموال على القاعات والنعى والمقرئين فهذه الأموال لاتنفع الميت فى قبره فهناك حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم يقول " إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية, علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" إانما ينفع أهله من بعده, , ويتكون الكفن الرجالى من ثلاث طبقات والحريمى من خمسة فقط , وبالنسبة لمن يقومون بتكفين الميت بكفن حرير فذلك لا يجوز شرعاً لأن الحرير مُحرم على الرجل فى الدنيا .
تحقيق : مروة احمد

0 تفاعل معنا: