الجمعة، 6 يونيو 2008

واخبـــــــــــــــــــــــــزا ه

,, لو لم أكن مصريا لحمدت الله و شكرته..هذا هو لسان حال المواطن المصري بعد آخر كارثة ألقتها الحكومة في وجهه، و هي ما جاء علي لسان وزير المالية-بطرس غالي- من شروع الحكومة في خطة لتحويل الدعم العيني إلي دعم نقدي الأمر الذي يهدد ما تبقي للمواطن المصري المطحون من قدرة تحمل و صبر و جلد في مواجهة ظروف المعيشة و التي تعمل الحكومة بجد-بعد تصريحها الأخير- علي جعلها أكثر صعوبة أو فلنقل مستحيلة..

و قد عاش الشارع المصري حالة من التردد و القلق وسط تضارب التصريحات الحكومية حول هذا الموضوع؛ففي الوقت الذي يؤكد فيه رئيس الوزراء-أحمد نظيف- ان الحكومة:"ستدفع العجلة الإقتصادية إلي الأمام من خلال إلغاء الدعم عن السلع الأساسية"...جاء نفي الرئيس مباركلهذه الفكرة سريعا معربا عن معارضته لها ، ففي غضون ساعات من تصريحات رئيس الوزراء صرح الرئيس مبارك للصحف :" أنه لا يوجد أحد يملك الحق في رفع أو إلغاء الدعم عن الشعب المصري دون موافقة الرئيس".. و هو ما يعتبر ردا علي تصريحات نظيف..
و قد علق أ\عبد الخالق فاروق-خبير في الشئون الإقتصادية وصحفي بالأهرام علي هذا قائلا أن :"هذه حالة من الارتباك و الفوضي في عمليات اتخاذ القرار علي مستوي الحكومة و الأجهزة المسئولة لأنه لا يتم اتخاذ أي قرار دون علم الرئيس، و قيامه بنفي الغاء الدعم او التدخل لإلغاؤه ما هو إلا محاولة منه لإنقاذ ما البقية الباقية بعد رد فعل الشارع المصري العنيف ، و ذلك لاعتبارات متعلقة بالأمن و احساسه بالخطر من حالة هياج شعبي ربما لا يستطيع السيطرة عليها"
نحن أمام موقف متأزم.فوسط هذه الأقوال المتضاربة يقف المواطن المصري حائرا-كحاله دائما-لا يعرف هل ستلغي الحكومة الدعم علي السلع الغذائية أم لا ولسان حاله يقول"اللهم إني لا أسألك رد القضاء و لكني أسألك اللطف فيه"، فدخل المواطن المصري بالكاد يكفي نفقاته و بدلا من ان تضع الحكومة برنامجا لرفع مستوي دخل الفرد في مصر فهي تضع برنامجا لإلغاء الدعم مما يترتب عليه ارتفاع شامل في الأسعار خاصة أن هذا الارتفاع سيصيب أسعار الوقود و الطاقة الأمر الذي سيؤدي إلي ارتفاع غير مسبوق في أسعار كل شئ، وهي ضربة قاصمة لكل مواطن مصري يعيش تحت خط الفقر أو حتي فوقه، إذ لن يلبث أن يلحق بمن سبقوه..
زيادة مبالغ فيها...
وفق آخراحصائية فإن متوسطي و محدودي و معدومي الدخل-و الفرق بينهم ليس كبيرا-يزيدعددهم عن60 مليون مواطن أي أكثر من 90 % من المصريين، والذي يعيش نصفهم علي الأقل تحت خط الفقر،إذن من الواضح أن الأسباب لا تزال قائمة هذا اذا لم يكن قد زاد عليها ذزينة أخري من الأسباب؛
ومن المفارقات الغريبة التي لا تتناسب مع هذه الأرقام المحزنة أرقام أخري تظهر تطور أرقام الدعم المعلنة خاصة من عام 2005 إلي 2006 حيث زاد الدعم من 13.7 مليار جنيه في 2005 إلي 54.3 في 2006 أي أن الزيادة بلغت حوالي 40.6 مليار جنيه أي قرابة أربعة أضعاف المبلغ السابق!!!
و عن هذه الزيادة قال د. عبد الحميد الغزالي أستاذ الإقتصادالإسلامي بجامعة القاهرة:" هذه الزيادة قد ترجع إلي زيادة من دخلوا الشرائح المستحقة للدعم، بالإضافة إلي ارتفاع أسعار الطاقة عالميا ، والأسعاربصفة عامة داخليا و بالتالي لكي تحافظ الحكومة علي حد أدني من مستوي المعيشة للفمواطن رفعت الدعم؛
لكن أنا أتصور أن معظم هذه الزيادة تذهب أساسا إلي دعم الطاقة الذي لا ينعكس علي المواطن العادي"
أكذوبــــــــــــــــــــة..
بينما يؤكد أ\ عبد الخالق فاروق أن:"الدعم علي أسعا ر ومشتقات الطاقة أكذوبة كبري وتلاعب محاسبي و مالي يسميه الاقتصاديون "السحر الاحصائي" فالدعم علي الطاقة يكون فقط في حالة اذا ما كانت مصر تقوم باستيراد المشتقات البترولية وهذا لا يحدث لأن مصر دولة منتجة للبترول ،فلا يجوز اعتبار الفرق الذي يقدر بحوالي 40 مليار جنيه- مع العلم انه رقم مبالغ فيه و غير حقيقي-بين أسعار هذه المشتقات دوليا واسعارها محليا بنفس الدعم،الا اذا تم ترشيد هياكل الاسعار و الاجور دوليا بحيث يحصل المواطن المصري علي أجر يتناسب مع أسعارالسوق الدولية هذا دون ذكرالاحتكار؛ و بالتالي هيكل السوق المصري هيكل مشوه سيؤدي إلي انفلات كامل في معدلات الأسعار و تضخم،وتأثيره سلبي وسئ علي كامل الأداء الاقتصادي"
العِيش من العَيش
و قد وصف أ\عبد الخالق فاروق نظام الدعم النقدي بأنه:"نظام غير صحيح و غير دقيق،و حتي لو قدر هذا الدعم ب 100 جنيه للأسرة فإن نصف عدد الأسر فقط أي ما يقرب من8 مليون أسرة هم الذين سيحصلون علي الدعم النقدي وفقا للرقم المخصص له"
و حول إلغاء الدعم يقول د.عبدالحميد:" لا تستطيع أي حكومة سواء متقدمة أو متخلفة أن تلغيه في ظل الارتفاعات الجامحة في الأسعار في السوق العالمي و في مصر يعتبر الدعم من الأشياء المقدسة التي لا يمكن لأي حكومة الاقتراب منها خاصة الدعم المباشر أي رغيف الخبز"الَِعيش من الَعيش"
،الطاقة لمستهلكي الطاقة من محدودي الدخل سواء كانت كهرباء،أو غاز؛ عندها سيكون الدعم خطوة غير ذكية و غير محسوبة
ومن الأزمات المطروحة الآن و التي كان إلغاء الدعم سببا في ظهورها مؤخرا و بفجاجة أزمة"رغيف العيش" فالرغيف المعروض في السوق أقل حجما مما يجب وشديد الرداءة يكد لا يؤكل و حتي بهذه الصفات يكاد لا يتوافر لكثير ممن يحتاجونه من الطبقة محدودة الدخل وبالتالي تدخلت الدولة ثانية و صرحت بأنها ستفصل عملية انتج الخبز عن عملية توزيعه لأن السبب في هذا هو بعض أصحاب المخابز الجشعين ومعدومي الضمير اللذين إما يقومون ببيع جوالات الدقيق المدعومة في السوق السوداء مما يوفر لهم مكسبا سريعا حيث يباع لهم الجوال بحوالي 16 جنيه بينما يباع في السوق السوداء بثمن يتراوح بين ال160 وال250 جنيها و يقومون للتعويض عن هذا باستخدام مواد أقل رداءة مما يؤدي إلي خروج رغيف الخبز إلينا بهذا الشكل..
فمن صالح صاحب المخبز أن يخبزب 10 % فقط من الكمية المعطاة له ويبيع الباقي وحتي هذه ال10% يشترك فيهاالمواشي والطيور مع المواطنين
أما اللحم..فحدث ولا حرج..
أما إذا خطر على بالنا تجاوز الخطوط الحمراء والتحدث عن المسكوت عنه في مصر وهو انفلات أسعار اللحوم بكافة أنواعها الحمراء والبيضاء والأسماك فستكون المهمة في غاية المعاناة، حيث قفز سعر اللحوم الحمراء إلى 42 جنيها لكيلو اللحم العادية أي التي تحتوي على نسبة 40 % ما بين دهون وشغت ، في حين يصل سعر كيلو اللحمة القابلة للأكل إلى 48 جنيها بلا أي مبالغة بحيث صار التشكيك في نزاهة من يتعاطون اللحوم أمر عادي . فإذا كان من حق كل أسرة أن تذوق طعم اللحم ولو مرة كل أسبوع واذا كان كيلو واحد سيكفي فان هذه الأسرة المعذبة تحتاج في حدود 150جنيها لتناول لحوم يكسوها الدهون والعروق، ولا داعي أن نقول أنها تحتاج لـ 200 جنيها إذا فكرت في شراء لحمة تليق بالبشر بعد أن آلت الأمور لتجار المواشي والجزارين لتحديد أسعار هذه اللحوم .
ملخص القول لا يسعنا الا ندعو الله أن تكف حكومتنا عن اغراقنا"بجمايلها" و برامجها التي تهدف بها الي توفير المزيد من الترف لنا، الذي نحن في غني عنه لأننا مش وش نعمة ، و أن يخبر أحدهم وزيرنا المبجل أحمد نظيف أن " العجلة" الاقتصادية اتخرمت و مبقتش تنفع... زقة معانا بقي..

تحقيق: تسنيم جمال الدين تاج الدين

0 تفاعل معنا: